أنا وقهوتي ننتظره في قمة الجبل

أنا وقهوتي ننتظره في قمة الجبل 

بقلم:ابتسام التبات

جاء المساء باردا على عادته...كمشاعرنا، كابتسامتنا، كالانتظار، كلهفة بعد خيبة! كقهوة عانقت بخارها مع برودة المطر.

لا يهم ..! ذاك الضجر الذي خلف الشتاء لم يعد يعنيني... ولا تلك الكآبة التي لطالما أزعجتني، لم يعد يعنيني أن أكره البرد والمطر ولا أن أمقت تلك الحديقة المنهكة من جل أوراقها...يا سلام إنها تمطر ...! أرتشف القليل من قهوتي و أنا أتأمل زخات المطر تتساقط فوق أشجار.

 قرية "آيت سعادة"، في جبال الأطلس المتوسط ...فتحت باب الشرفة العالية المطلة على النهر... أخرجت رأسي قليلا كي تربت قطرات من المطر علي خدي علها تحمل رسالة تروي ظمأ الشوق وتطفي لهيب الحنين إلى كل شيء، رفاقي، عائلتي أصدقائي...أرتشفت قهوتي و المطر يعزف لي سمفونية الحرية.

داعبت زخات المطر وجنتي وتغلغلت بين خصلات شعري الأشقر وكأنها يد حنونة تمسح راسي اتمتم (ممممم) بِلذة قهوتي وبرودة الجو.. أغمضت عيني لحظة فحملتني إلى الفضاء وراودتني.. نعم هي ، رائحة المطر ، كم أعشقها حين تدغدغني و تتساقط قطراتها بين شفتاي و خدي و بسعادة فائقة تغمرني ...حين أستنشقها، فتسود برودة في جسدي .. تلتقطها يدي...قشعريرة تلك أحسست بها.. و فوق طيات السحب ترفعني و تتوجني أميرة بين النساء و كأن لا يوجد بالعالم غيري ... فتتخللني و تأخدني لشواطئ حلمي الكبير حيث الديمقراطية و الكرامة و العدالة الإجتماعية ... و تتركني كي أبحر بين أمواج من أشواق تلاحقني و إعصار من حنين يغلبني فتفككني .... تجعلني أشلاء ... رائحة المطر ينتشي بها أريج عشق الوطن فيكسوني... يتناثر حولي على وجنتي، يدي، جسدي فآآآآآآآآآآآآآآه من هذا الأريج وتلك الرائحة.

لحب الوطن و القهوة و المطر رائحة تحاصرني أعيش عالمي كما أوراق تتطاير في السماء ولا تتوقف عن الطيران مملوءة بالحبر والحديث والشوق وكأنها سنينن تلك التي لم يراودني فيها هذا الإحساس... وتبقى خلف محطات الغياب أجراس من شوق لم يكف رنينها بعد... و لم تكشف بعد أفقها الممتد...

عاشقة الوطن / في آيت سعادة